نحطّ رحالنا هذه المرة في قرية كفرومة في ريف معرة النعمان الغربي، حيث يرزح الأهالي تحت وطأة الحرمان والمعاناة، لنجد بيت “أم مصطفى” وهي أرملة تعاني من ويلات الفقر بعد وفاة زوجها، الذي كان بالأساس من الفقراء، ويغرق أطفالها في بئر من الحرمان.
في الواقع كانت العائلة المكوّنة من 10 أفراد تعيش وضعاً مزرياً، نظرا إلى أن الأطفال الصغار، من بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، كانوا لا يجدون قوت يومهم.
والجدير بالذكر أن فريق مؤسسة الشام الإنسانية زار الأسرة للمرة الأولى، وحينها لم تكن العائلة تملك ما يسدّ رمقها. وآنذاك، أرادت الأم تسخين “شوربة العدس”، التي حصلت على موادها من الأرز والعدس كمساعدة غذائية من إحدى الهيئات الإغاثية، فقسمتها لمدة يومين وذلك لإطعام العائلة.
وفي هذا الصدد، أصبحت فكرة إدخال العائلة ضمن مستفيدي مشاريع الكسب الطيب التي تدعمها مؤسسة راف القطرية “لا تحتمل التأجيل”، ونظراً لطبيعة المنطقة وخبرة الأسرة السابقة في التعامل مع الأبقار، تم تنفيذ فكرة مشروع الثروة الحيوانية الذي بلغت قيمته الإجمالية 2،434 دولار، فكانت بداية النجاح حين انتقينا بقرة من أجود الأنواع وأغلاها ثمناً في السوق.
في المقابل، وفّرت البقرة ما يزيد عن 30 كيلوغراماً من مادة الحليب بشكل يومي، كما اكتفت العائلة بشكل كامل من مردود المشروع لتغطية النفقات المعيشية، فضلاً عن استغنائها عن المعونة الشهرية.
وتجدر الإشارة إلى حاجة السوق الاستهلاكية لهذه المنتجات، حيث تعيش العائلة في حارة صغيرة يضطر قاطنوها لقطع مسافات طويلة للحصول على مادة الحليب، الأمر الذي ساهم في ارتفاع نسبة النجاح.
وبفضل من الله، ساهم المشروع في انتقال الأسرة من ضيق الشدّة إلى سعة الفرج، حيث أصبح يُقدّر الدخل الشهري للعائلة بحوالي 100 دولار بالإضافة إلى احتمال وجود مولود للبقرة كل سنة.
تقف “أم مصطفى” شاهدة على التحول الذي شهده حال العائلة فتقول: “مرت علينا أيام عصيبة، إذ كنا على استعداد لأن نبقى بلا طعام أو شراب في سبيل تقديم الحليب لابني “إبراهيم” وهو طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ويحتاج للحليب بشكل دائم. كنّا نشهد في ذلك الوقت انقطاعاً لحليب الأطفال المجفف الغالي الثمن تزامناً مع ندرة وجود الأبقار، لكن بفضل مؤسسة الشام الإنسانية ومشروع “الكسب الطيب”، قررنا كفالة ولدين إضافيين من أطفال العوائل المجاورة والفقيرة جداً بهدف تقديم يد المساعدة والتخفيف عنهم بعد أن رزقنا الله من أبوابه الواسعة”.