هدمت ثمانُ سنواتٍ من الحرب اقتصاد سوريا، وحولت أكثر من نصف شعبها إلى نازح داخل البلد، ولاجئ خارج حدوده.

وبسبب الظروف القاسية، وجدت معظم الأسر السورية صعوبة في إيجاد عمل تستعين به على قساوة العيش، فانتشر العوز والحاجة رويداً بين المجتمعات المتشكلة حديثاً، حتى وجد رب الأسرة نفسه مضطراً للوقوف في طوابير السلال الغذائية يسد بها رمق أولاده.

وفي ظل تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة الفقراء، واعتماد هؤلاء على الجمعيات الإغاثية في تأمين أقواتهم، سعت “مؤسسة الشام الإنسانية” إلى إيجاد آلية لمواجهة مشكلة البطالة والتخفيف من آثارها الكارثية، عن طريق مساعدة الطاقات الكامنة ودفعها للإنتاج، حيث أطلقت -مطلع عام 2019 الجاري- مشروع “صندوق كريم” للتمويل الأصغر، الذي يقدم خدمات الإقراض للأسر السورية بشروط ميسرة، ويتيح الفرصة -لمن يرغب في العمل الخاص- الحصول علـى السيولـة اللازمة.

يتألف المشروع من “خمس مراحل إقراضية” تشكل في مجموعها خطة متكاملة للانتقال بالأسر من الفقر المدقع إلى الطبقة متوسطة الدخل، ويستهدف الأشخاص الذين يمتلكون القدرة والرغبة في تأسيس عملهم الخاص، عبر تزويدهم بالسيولة اللازمة لدفع عجلة أنشطتهم الخاصة وتنميتها، مما يساعـد على خلق فرص عمل جديدة وزيادة دخل عملاء الإقراض.

يعتزم المشروع تقديم خدمات الشمول المالي لـ /150/ عميلاً في المرحلة الأولى، على أن تتوسع شبكة العملاء لتشمل /195/ عميلاً بعد مرور عام على منح أول قرض، حيث سيتم العمل بنظام القروض الحسنة (دون فوائد), الإنتاجية (خدمية -تجارية -صناعية) , المستردة بالكامل، بحيث تسهم مبالغ الاسترداد الشهرية في دعم أشخاص جدد.

ونظراً لكون المشروع يستهدف طبقة الفقراء من النساء والرجال، فلن يُكلَّف هؤلاء مشقة الضمانات التقليدية التي تفرضها البنوك في حالات الاقتراض، كتأمين كفلاء وتحويل راتب ورهونات وغيرها، بل سيتم اللجوء إلى ما يسمى “بالضمان الجماعي” كبديل عن الضمانات الفردية باهظة التكاليف.

ويهدف مشروع “صندوق كريم” إلى:

  • تمكين الأسر المستفيدة من المساعدات الإغاثية وتحويلها إلى أسر منتجة قادرة على توفير مصدر عيش كريم.
  • توفير فرص عمل ذاتية للنساء والرجال.
  • المساهمة في تمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً وتعزيز دورها في الأسرة والمجتمع.
  • رفع المستوى الصحي والتعليمي والمعيشي لأفراد الأسرة بشكل عام.
  • ترسيخ ثقافة العمل والإنتاج والاعتماد على الذات للفئات المستفيدة من الجمعيات.

كما يتعين على المشاريع أن تراعي مجموعة من المعايير منها:

  1. أن يكون المشروع مقبولاً مجتمعياً ولا ينافي القوانين والأعراف السائدة.
  2. أن يكون ذو جدوى اقتصادية واضحة.
  3. الإلمام والخبرة الكافية بآليات وأدوات التنفيذ والتسويق.

يعد “صندوق كريم” أحد الأبواب التي تسعى من خلالها “شام الإنسانية” لمساعدة أكبر عدد من الفقراء، والوقوف إلى جانبهم في مسيرتهم العملية، بما يؤمن لهم دخلاً مستقلاً يحفظ لهم إباءهم وكرامتهم، ويحولهم من مستهلكين في المجتمع إلى بناة له، مهتدين بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم في الكسب الحلال الذي قال فيه: “ما أكل رجل طعامًا قطُّ أحلَّ من عمل يديه”.