لاتزال بلادنا ترزح تحت وطأة المعاناة المستمرة التي يرافقها قصف وحشي من قبل قوات النظام، كما لازلنا على موعد مع ضحايا هذه الحالة المأساوية التي ألقت بظلالها ليس فقط على الآلاف بل على الملايين من الشعب المكلوم، وكما هو الحال في جميع المحافظات السورية، تعيش اللاذقية كغيرها ويلات هذه الظروف القاسية، حيث التقينا أبناء “ف حسين” الأربعة وهم حسن، وروان، ورزان، وريان. في الحقيقة، حُرم هؤلاء الأطفال حنان الأب ورعايته لهم خلال مرحلة الطفولة، فقد أصبحوا يتامى بعدما فقدوا رب الأسرة بسبب وقوفه في وجه النظام.
نتيجة لذلك، تشتّت أطفال “ف حسين” وانتهى بهم المطاف في مخيمات النزوح حيث عانوا من ظروف الحياة الصعبة، خاصة على الصعيد المادي، الأمر الذي كان له وقْع كبير على حياتهم الدراسية، في هذا الإطار افتقد هؤلاء الأيتام أبسط المتطلبات، كما عانوا من أجل تأمين احتياجاتهم بسبب عدم وجود معين لهم، بعد الله سبحانه وتعالى، وبسبب ضعف الحالة المادية وقسوة الحياة.
وفي هذا الصدد، تدخل فريق “مؤسسة الشام الإنسانية” للأخذ بيد اليتامى الأربعة، حيث قامت المؤسسة بدعم من “مؤسسة عيد” بكفالتهم من خلال تقديم مبلغ مالي في نهاية كل أربعة أشهر أي بمعدل ثلاث مرات في السنة، يُضاف إليه أحياناً “عيدية” أو صدقة أو هدية.
وبفضل الله سبحانه وتعالى ثم المتبرعين لمثل هذه الحالات عبر تقديم التبرعات المادية، أدت هذه الجهود إلى تغيير مسار حياة الأطفال اليتامى حيث تمكنوا من العودة إلى المدرسة بعد أن كانوا منشغلين بتأمين لقمة العيش، وبالتالي حقق اليتامى الأربعة حلمهم في الالتحاق بمقاعد الدراسة والالتزام بها، وأثبتوا اجتهادهم في الدروس والحرص على أداء الواجبات المدرسية.
علاوة على ذلك، آتت هذه اللّفتة الإنسانية أُكلها حين نالت روان فراس حاج حسين شهادة امتياز لتفوقها في جميع المواد، بالإضافة إلى حصولها على المرتبة الأولى في صفها الدراسي. فضلاً عن ذلك، ساهمت هذه الكفالة في تحسين حياتهم المعيشية والتخفيف من معاناتهم كما مكّنتهم من الالتحاق بمعاهد تحفيظ القرآن، من جهة أخرى خفّفت الكفالة من حِمل الأم التي كانت تعمل لتأمين لقمة العيش لأبنائها بغية توفير حياة سعيدة لهم ورسم البسمة على وجوههم.