هناك، وفي ذلك البلد المدمّى، ثمّة قصص تكتنزها الحسرة والألم، فهنا عائلة خرج صاحب بيتهم إلى حاجته فتلقفته آلة القتل، وهناك أمّ فجعت بولدها الذي خرج يتكسّب فأعادوه إليها مقعداً لا حراك فيه، وتلك أخت ودّعت أخيها المسافر لتستقبل خبر اعتقاله، وهذا شيخ كبير قد أنهكته أعباء الأيام وأضنته مرارة التشرد من بيته غير مبالية بشيبته وعجزه.
بكل هذه الأطياف المؤلمة، تتشكّل لوحة الشعب السوريّ، الذي يكابد منذ عدة سنوات وحتى اليوم، علقم الحرب الضروس التي مزقت جمعهم، وشردت بهم في أصقاع الأرض.
وأمام هذا الواقع المؤلم، وانطلاقاً من قوله تعالى” إنما المؤمنون إخوة”، لم تقف مؤسسة شام الإنسانية مكتوفة الأيدي، بل سارعت بالشراكة مع مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله الخيرية راف، إلى إطلاق حملة “اخلفه في أهله” لتكون خلفاً ومعيناً للعوائل التي فقدت معيلها والأسر العاجزة عن القيام بشؤونها.
ففي الأول من شهر تموز لعام 2016، تم إطلاق المشروع ليقدّم الخدمات المادية والمعنوية للأسر المتضررة في الداخل السوري ومخيمات اللجوء في تركيا، على شكل راتب شهري، يتم تقديمه واحتسابه بناء على عدد أفراد الأسرة، واضعاً نصب عينيه أهدافاً سامية، تحمل بين طياتها رسالة إنسانية خيّرة، تمثّلت بـ:
- السعي نحو تأمين حياة كريمة للأسر التي فقدت معيلها.
- منع الانحراف نتيجة العوز والتوجه لبناء مجتمع سليم.
وسعياً من الإدارة المسؤولة لتحقيق هذه الحملة زخمها وغايتها القصوى، تم تقييدها بشرطين أساسيين هما: عدم وجود معيل أو كفيل، بالإضافة إلى عدم القدرة على تأمين متطلبات العيش الكريم، مع التركيز على الفئات الأكثر تضرراً مثل:
- عائلة المفقود الذي انقطعت أخباره.
- عائلة المصاب الذي أصبح غير قادر على العمل بسبب إصابته.
- أسر الشهداء والأرامل الذين لم يضمهم مشروع “كهاتين”.
إن دافع الشعور بالمسؤولية اتجاه هذه الشرائح الواسعة من المجتمع السوري المنكوب، كان المحرّك الأساسي لإطلاق هذا المشروع وغيره من المشاريع الخيرية، لاسيما وأن الظروف المحيطة بهم بلغت من الشدّة والقسوة ما لم يبلغه أهل بلد في العهد الحديث. كما أن مسوغات الانحراف عن جادة الطريق القويم كثيرة جدا في ظل العوز والفقر الذي أحال أكثر من 65% من الشعب السوري إلى ما تحت خط الفقر، الأمر الذي يدعو كل إنسان يحمل بين جنبيه قلباً ينبض بالإنسانية والخير إلى ضم تلك القلوب إليه، وبلسمة جراحهم، والأخذ بيدهم نحو شاطئ الأمان.