الحرب الدائرة في سورية منذ أكثر من سبع سنوات والتي تعتبر من أكبر مآسي العصر خلفت ورائها آلاف الضحايا من المشردين والنازحين والأكثر ألما الأيتام والنساء الأرامل فاقدة معيل والمعاقين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل الحياة أو القيام بواجباتهم الأسرية والحياتية وذلك دون شك أصبح أشد أثرا وأقصى معاناة مع ما آلت إليه الأمور من تدمير البنى التحتية والمرافق العامة للناس وانعدام مصادر الدخل لهم خاصة في ظل حالات نزوح متكرر تعرض له الأطفال والنساء وكبار السن والضعفاء

غير أن المخاطر والأضرار الأشد قسوة تلك الأضرار والمخاطر التي عصفت بالمجتمع السوري من خلال  انهيار القوانين والأنظمة وغياب الرقيب الاجتماعي وعبث العابثين واستغلال المستغلين الذين يقتاتون على معاناة الناس في الحروب وبالتالي فإن المجتمع السوري أصبح الأطفال الأيتام والنساء الأرامل والناس المحتاحجين أصبحوا عرضة عرضة للاستغلال الاجتماعي والأخلاقي وبما يخالف قيم المجتمع ودينه ولعل هذا التحدي يمثل التحدي الأكبر لمن يعمل على حماية هذه الفئة ورعايتها وكفالة احتياجاتها

وما يزيد الأزمة حدة وقسوة بل ويجعلها أشد خطرا هو تسرب الأطفال من التعليم بحيث أن الأطفال يفقدون قدرتهم على الفهم الصحيح والسليم للقيم والأخلاق وتصبح هذه الفئة خطرا على المجتمع من خلال انزلاقها لسلوكيات خطرة ولا اجتماعية ولا أخلاقية ويصبح هولاء فئة من الناس هم الأشد ضعفا وعالة على المجتمع وإذا نظرنا إلى الآرقام المرعبة لتسرب عدد كبير من الأطفال من المدارس وترك التعليم من أجل تأمين مستلزمات أسرهم الغذائية حيث تشير الاحصائيات إلى وجود مليون ونصف طفل خارج المدارس أكثر من نصفهم يمارسون أعمال شاقة ويتعرضون للإساءة والاستغلال وسوء المعاملة

وإذا لاحظنا أن الأمهات بعد فقد الآباء وغيابهم قد أصبحن هن المعيلات للأسرة وبالتالي فإن الأسر قد أصبحت في حالة تفكك كبير بالنسبة للأطفال وبالمقابل فإن الأمهات قد أصبحن أكثر تعرضا للقيام بأعمال غير لائقة بكرامتهن الإنسانية أو أعمال لا تحفظ لهن قيمهن أخلاقهن

وحرصا على الكرامة الانسانية وحماية الضعفاء قمنا في شام الإنسانية بتقييم الاحتياجات لحالات الأسر التي تشهد وضعا مأوسايا حرجا ولا يوجد لها معيل وليس لها مصادر دخل وغالبا ما تكون تشكو من تردي في الوضع الصحي للأطفال والأسر نتيجة عدم توفر الغذاء الكافي والمناسب وعدم وجود مقومات الحياة مع ملاحظة أن برد الشتاء القارس له أثر خطير في ظهور بعض الأمراض المزمنة للأطفال والأسر وغالبا مايمثل كابوسا مرعبا لهذه من حيث احتياجات التدفئة والطبابة

وبالمقابل ومن خلال الاطلاع على الدراسات والأبحاث التي أجريت لتحديد حجم معاناة الأطفال والأسر السوريين تشير هذه الدراسات إلى وجود نسبة 8.4% من الأطفال السوريين فقدوا آبائهم وهم بحاجة لكفالة إضافة

61.8 من الأطفال الأيتام تسربوا من التعليم نتيجة حاجتهم المالية حسب الدراسة السابقة

وقد هبت رفد الخيرية إلى التخفيف من معاناة الأسر المنكوبة والعمل على تحسين الجانب الصحي والمعيشي للأسر فاقدة المعيل من خلال مشروع امنحني الحياة الذي يوفر نفقات الغذاء المناسب لهم والحياة الكريمة من خلال تمكين الأسر من شراء بعض مستلزمات الدفء عبر الكفالة الموفرة لهم كما ساهمت بعودة الأطفال إلى المدارس حيث عند تصميم هذا المشروع تم التأكيد على ضرورة ربط الكفالة بالتعليم ولعل واحدة من أعظم نتائج هذا المشروع وآثاره الإيجابية عودة 140 طفل إلى المدرسة ومواظبطهم على الدراسة فيها وقد التفت المشروع إلى ضرورة تخصيص أحد الكوادر الذي يقوم بمتابعة مستوى أداء الأطفال التعليمي في المدرسة ومحاولة تجاوز العقبات التعليمية والسلوكية التي يواجهونها من خلال سجلات المتابعة التعليمية الخاصة بهم

وقد قام المشروع بتوفير كفالة 100 أسرة بمبلغ 120 دولار شهريا لمدة عام كامل تركت أثرها الطيب على حياتهم المعيشية والتعليمية وأدت إلى حماية الكثير من الأسر من التفكك الاجتماعي وحفظ الأمهات في بيوتهن وبقيام بواجبهن التربوي الكبير في تربية الأولد والحفاظ عليهن من الانحراف بل إن الكثير من الأمهات صنعن قصصا عظيمة في تربية الأولد حتى أن بعضهم قد حفظ القرآن الكريم عندما كفيت الأسرة الحاجة المالية وهناك أطفال آخرون استطاعوا أن يتفوقوا في المدراس والنتائج التربوية والاجتماعية كثيرة حتى أن الأمهات أنفسهن قد شملهن التغيير الطيب فبعضهن أيضا تفرغن لحفظ القرآن الكريم وتعلم العلوم الشرعية بل ونقلها إلى المحيطين بهم بالدعوة والحكمة الحسنة