كان الاقتصاد السوري واعدًا ومشرقًا في فترة من الفترات، كما كانت سوريا كدولة وجهة لإعادة توطين للاجئين من البلدان الأخرى، غير أنّ السنوات الماضية من الحرب قد عطلت النشاط الاقتصادي ووضعت سوريا في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية والاقتصادية في الوقت الحاضر، وحتى انتصاف العام 2018، ما زال الوضع المتردي مستمراً دون أن تلوح في الأفق نهاية متوقعة لهذه المأساة.
ومنذ بدء الاحتجاجات في سوريا في عام 2011، قُتل حوالي نصف مليون شخص، إضافةً إلى ذلك فرّ نحو 75٪ من الأطباء والعاملين في الحقل الطبي من البلاد.
ومنذ أن تصاعدت وتيرة القتال، فرّ أكثر من ستة ملايين شخص من منازلهم، لكنهم لم يعبروا الحدود السورية، ووفق تقارير منظمات العمل الإنساني الأممية فإن ما يقرب من 6550 سورياً ينزحون كل يوم ليعيشوا في مخيمات أو مستوطنات غير رسمية أو مبان مهجورة على طول الحدود التركية في شمال سوريا.
في وقت سابق، كان في سوريا نظام تعليمي قوي، حيث بلغ معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية 100٪ تقريباً ونسبة 70٪ من الالتحاق بالمدارس الثانوية، غير أنّ الحال تبدّل؛ إذ يوجد اليوم حوالي 1.75 مليون طفل وشاب سوريين لا يُحظون بفرصة الحصول إلى التعليم. وقد تضررت أكثر من ثلث المدارس في سوريا أو دُمّرت بالكامل أو يتم استخدامها كملاجئ من قبل النازحين داخلياً، بالإضافة إلى ذلك، تعاني سوريا من أسوأ تفشٍّ لسوء التغذية لدى الأطفال، حيث تمّ تشخيص ما يقدّر بـ 1.7 مليون طفل وامرأة حامل أو مرضعة بسوء التغذية الحاد.
إلى جانب ذلك، تعاني الكثير من مناطق سوريا المتأثرة بالحرب من ندرة مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي الأساسية بسبب تعطل المضخات وخطوط الأنابيب، مما يزيد من خطر التعرض للأمراض الوبائية، ففي بعض المناطق التي يوجد بها أكبر عدد من اللاجئين، وصل إمداد المياه إلى مستوى منخفض بلغ 22 لتراً للشخص في اليوم، وهو أقل من عُشر ما يستخدمه المواطن الأمريكي العادي.
وعلى الرغم من أن سوريا لديها بعض الاحتياطي النفطي، إلا أن الإنتاج لم يعد وفيراً كما كان في السابق؛ حيث بلغ إنتاج النفط ذروته ليبلغ 677 ألف برميل يومياً في عام 2002. لكن منذ بدء القتال في عام وحتى اليوم، انخفض إنتاج النفط ليصل إلى حوالي 25,00 برميل فقط في اليوم. كما أثّر النزاع المسلح المتزايد على سوريا كدولة زراعية، إذ تسبب في تدمير كبير للإنتاج الزراعي، مما أدى إلى خسارة أكثر من 16 مليار دولار من الإنتاج المحصولي والحيواني وتدمير الموارد الزراعية.
لقد فاقمت هذه الكوارث من أزمة الفقر في سوريا، ودمرت سنوات من الصراع اقتصاد البلاد، حيث انخفض الاقتصاد السوري بأكثر من 70 في المائة منذ اندلاع الحرب، والآن أصبحت البلاد ذات واحد من أعلى معدلات التضخم في العالم، ففي ديسمبر 2017، سجل معدل التضخم في سوريا نسبة 43.2 في المائة، فضلاً عن ذلك فإن أكثر من نصف السكان عاطلون عن العمل و 82.5 في المائة يعيشون تحت خط الفقر.
هذه الحقائق حول أزمة الفقر في سوريا تسمح بفهم أفضل للواقع القاسي لمواطني هذه البلاد المنكوبة، وهو ما دفع مختلف البلدان والمؤسسات والمنظمات الخيرية والأفراد المحسنين إلى تلبية النداء الإنساني والمساعدة من خلال التبرعات أو التعبئة، حيث تعمل المنظمات الخيرية ذات السمعة الطيبة، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسف ومنظمة أطباء بلا حدود والهلال الأحمر، والعديد من المنظمات الخيرية غير الربحية، كمنظمة “شام الإنسانية”، على تقديم المساعدات إلى ملايين السوريين المتضررين من الحرب، الذين يعانون العوز والفقر ويفتقدون إلى أساسيات الحياة الكريمة.